بالفيديو / بالفيديو / لعبت و عطتني .. ربحت برشا و وصلت خسرت مليار و 400 في ... التفاصيل / Video Streaming
تم خلال الساعات الماضية تداول مقطع فيديو واسع الانتشار على مواقع التواصل الاجتماعي يظهر فيه رجل تونسي يروي، بصوت يغلب عليه الندم والانفعال، كيف خسر أكثر من مليار و400 ألف دينار في لعبة قمار إلكترونية، في واحدة من أكثر القصص المثيرة التي تسلط الضوء على ظاهرة الإدمان على القمار الرقمي التي بدأت تتفاقم في تونس.
تفاصيل القصة
بحسب الفيديو، الذي تم تداوله على منصات مثل فيسبوك وتيك توك ويوتيوب، فإن الرجل — الذي لم يُفصح عن هويته الكاملة — أكد أنه بدأ ممارسة ألعاب القمار عبر الإنترنت منذ أكثر من عامين، بعد أن تعرّف على تطبيقات توفر إمكانية المراهنة اليومية على مباريات كرة القدم وألعاب "الكازينو الافتراضي".
يقول الرجل: "بدأت بمبالغ صغيرة، 100 دينار أو 200 دينار في كل مرة، ثم تطورت الأمور تدريجيًا حتى وجدت نفسي أقترض المال من أصدقائي وأقاربي لأعوّض الخسائر. في النهاية خسرت كل شيء: سيارتي، منزلي، مدخرات حياتي، حتى أكثر من مليار و400 ألف دينار تبخّروا في هذه اللعبة اللعينة".
وأكد المتحدث أن اللعبة كانت "تخدّره نفسيًا"، مضيفًا: "كنت أقول لنفسي إنني سأربح غدًا، وإن الحظ سيعود. لكن الحظ لا يعود أبدًا، هي دائرة جهنمية لا تترك لك مهربًا".
شهادات من مقربين
عدد من المتابعين الذين قالوا إنهم يعرفون الرجل شخصيًا، أكدوا في تعليقاتهم على مواقع التواصل أن قصته حقيقية، وأنه كان معروفًا في منطقته بتجارته الناجحة قبل أن يقع في فخ المراهنات الإلكترونية. وأشار أحدهم إلى أنه "باع كل ما يملك، حتى ذهب زوجته، معتقدًا أن المرة القادمة ستكون ضربة الحظ الكبرى، لكنها كانت الضربة الأخيرة التي أنهت حياته المادية والنفسية".
شاهد الفيديو فالمقال
انتشار الظاهرة
هذه الحادثة أعادت إلى الواجهة التحذيرات من مخاطر ألعاب القمار الرقمية المنتشرة عبر تطبيقات غير مرخّصة في تونس، حيث باتت المراهنات الإلكترونية متاحة بسهولة عبر الهواتف الذكية، مستهدفة فئة الشباب والكهول على حد سواء.
وبحسب تقارير غير رسمية صادرة عن جمعيات تعنى بالصحة النفسية، فإن عدد المدمنين على القمار الإلكتروني في تونس تضاعف خلال السنوات الثلاث الأخيرة، خصوصًا بعد جائحة كورونا التي دفعت بالكثيرين إلى تمضية ساعات طويلة أمام الإنترنت.
الجانب القانوني
من الناحية القانونية، تحظر التشريعات التونسية تنظيم أو المشاركة في ألعاب القمار والمراهنات خارج الأطر الرسمية المرخصة، لكن ضعف الرقابة الرقمية وتطور أساليب التحايل التقنية جعل من الصعب السيطرة على هذه الظاهرة.
وقد حذرت الهيئة الوطنية للاتصالات في عدة مناسبات من "منصات وهمية" تعمل على سرقة بيانات المستخدمين أو جذبهم إلى دوامة المراهنة والإدمان المالي.
التحليل النفسي والاجتماعي
يرى مختصون في علم النفس أن الإدمان على القمار لا يقل خطرًا عن الإدمان على المخدرات، إذ يؤدي إلى انهيار العلاقات الأسرية والاجتماعية، ويزرع لدى الفرد شعورًا بالذنب والعجز والعار.
Video Streaming
الأخصائية النفسية سناء البوراوي أوضحت في تصريح صحفي أن "الدماغ يفرز مادة الدوبامين عند الفوز، ما يخلق إحساسًا مؤقتًا بالنشوة، لكن الخسارة المتكررة تزرع قلقًا دائمًا يدفع الشخص إلى المحاولة من جديد، فيدخل في حلقة مفرغة من الخسائر".
ردود الفعل
الفيديو أثار موجة واسعة من التفاعل، إذ أعرب كثيرون عن تعاطفهم مع الرجل، معتبرين أن قصته "درس قاسٍ لكل من ينجرف وراء أوهام الثراء السريع". في المقابل، علّق آخرون بأن "المسؤولية تقع على الدولة التي لم تحصّن شبابها من الإعلانات المضللة المنتشرة على الإنترنت والتي تروّج للمراهنات وكأنها وسيلة استثمار".
دعوات إلى التحرك
في أعقاب تداول الفيديو، دعت عدة جمعيات إلى إطلاق حملة وطنية للتوعية بخطورة القمار الإلكتروني، واقترحت إنشاء خطّ مساعدة مجاني لتقديم الدعم النفسي للمصابين بهذا النوع من الإدمان. كما طالبت وزارة تكنولوجيات الاتصال بتعزيز المراقبة على التطبيقات المشبوهة التي تروج للمراهنات.
قصة الرجل الذي خسر أكثر من مليار و400 ألف دينار ليست مجرد حادثة فردية، بل جرس إنذار حقيقي حول واقع خطير يتنامى بصمت في المجتمع التونسي. فالقمار الرقمي لم يعد مجرد لعبة ترفيهية، بل ظاهرة تهدد الاستقرار المالي والنفسي لمئات العائلات.
والسؤال الذي يبقى مطروحًا: هل ستتخذ السلطات إجراءات حقيقية للحد من هذه الظاهرة، أم ستظل قصص كهذه تتكرر بصمت، بين ضحايا الحظ والربح الوهمي؟
Video Streaming