بالفيديو / بسبب صورة فايسبوك إلى الواقع: كيف يدفع فيسبوك بعض الأزواج نحو .... / Video Streaming

بالفيديو / بسبب صورة فايسبوك إلى الواقع: كيف يدفع فيسبوك بعض الأزواج نحو .... / Video Streaming








في زمن الشبكات الاجتماعية حيث تختلط الخصوصية بالعلن وتصبح التفاصيل الحميمية متاحة بلمسة، طفت على السطح حوادث مأساوية تربط بين منشور بسيط على فيسبوك ونهاية حياة إنسان. عنوانٌ من هذا النوع — «بسبب الفايسبوك قتلت زوجها» — ليس مجرد لافتة إخبارية استفزازية، بل هو مرايا تعكس أزمات أعمق في العلاقات الأسرية، وفي طريقة تعامل المجتمع مع الغضب، والغيرة، والقيم، والفضاء الرقمي الجديد.






تاريخيًا، لم تُخترع دوافع العنف مع اختراع فيسبوك؛ الغيرة، الشعور بالإهانة، النزاعات المالية أو العاطفية، والاضطرابات النفسية كانت دائمًا خلف جرائم قتل أسرية. لكن الشبكات الاجتماعية أضافت بعدًا جديدًا: إمكانية وصول عشرات أو مئات الأشخاص إلى تفاصيل حياة خاصة خلال ثوانٍ، وإمكانية أن يصبح منشور صغير سببًا لإثارة شعور بالخيانة أو الفضيلة المهدورة لدى أحد الزوجين أو أحد الأقربين. الصدمة هنا مزدوجة: فقدانٍ بشري وحمل رقمي يبقى متداولًا ويعيد جرح الضحايا وعائلاتهم مرارًا.








شاهد الفيديو فالمقال








الواقعة المتخيلة في هذا العنوان تضعنا أمام سلسلة من الأسئلة المحورية: كيف يمكن لمنشور على صفحة شخصية أن يتصاعد إلى مستوى يبرر العنف؟ ما الذي يفتك بأنظمة ضبط النفس لدى بعض الأفراد إلى حد اتخاذ قرار قاتل؟ ولماذا لا تنجح آليات الوقاية المبكرة، سواء في الأسرة أو في المجتمع أو على مستوى القانون؟

أولاً، ثمة عامل نفسي لا بد من فهمه: لدى البعض قابلية أعلى للانفجار أمام ما يروه تعديًا على الكرامة أو الصورة الاجتماعية. في مجتمعات تُعلي من قيمة «السمعة» أو «الشرف»، قد يتحوّل منشور يبدو تافها أمام الآخرين إلى أمّ المرض لدى بعض الأفراد. إن الجمع بين ضغوط اقتصادية، إحساس بالعجز، ونقص مهارات التعبير عن الغضب، يمكن أن يتحول إلى خليط متفجر. وهنا يظهر دور التعليم النفسي والتأهيل العاطفي، ليس فقط كخدمات علاجية بل كمنهج يدرّس منذ المراحل الأولى في المدارس.



Video Streaming










 


ثانيًا، الفضاء الرقمي أتاح سهولة انتشار الإشاعات والإساءات. صورة، فيديو، تعليق أو حتى إشاعة يمكن أن تنسج حولها روايات كثيرة تُغذي الغضب. لذلك يبرز دور الرقابة الذاتية: التريث قبل النشر، التفكير في تبعات ما يُنشر على الأسرة، والتعامل بمسؤولية مع صور ومعلومات الآخرين. عائلياً، يجب أن تكون هناك قنوات للحوار الداخلي: بدلاً من المواجهة العنيفة، حوار هادئ ومحترم قد يفسّر أمورًا كثيرة ويمنع تصاعد الأزمة.

ثالثًا، الأطر القانونية والوقائية واجبة. القوانين الخاصة بالعنف الأسري، والتحقيق السريع في الشكاوى، وحماية الضحايا، وتشديد العقوبات على الجرائم المرتكبة نتيجة «إهانة عبر الشبكات» تساهم في ردع مرتكبي هذه الأفعال. لكن الردع وحده لا يكفي؛ ينبغي توفير خدمات استباقية: مراكز استشارة أسرية ونفسية، خطوط ساخنة لتلقي شكاوى العنف أو التهديد، وبرامج توعية رقمية تُعلّم العائلات كيف تتعامل مع المشكلات قبل أن تتفاقم.

رابعًا، الدور المجتمعي والإعلامي لا يقل أهمية. الإعلام الذي يغذي الفضول والمشاهدات عبر تكرار تفاصيل مأساوية بلا هدف توعوي يعيد إنتاج الصدمة لذوي الضحايا. بدلاً من ذلك، يجب أن يُركّز الحديث الإعلامي على الجوانب الوقائية، قصص النجاة، مصادر الدعم، وكيفية التعامل القانوني مع التهديدات الرقمية. المجتمع المدني والجمعيات النسوية ومؤسسات الدفاع عن حقوق الطفل والمرأة، كلها أطراف يمكن أن ترفد الدولة بوحدات تدخل سريعة تحفظ سلامة الأسر.

خامسًا، لا بد من تسليط الضوء على الأطفال وأثر هذه الجرائم عليهم. فقدان الأب أو الأم بطريقة عنيفة بسبب منشور على فيسبوك يترك أثارًا عاطفية ونفسية طويلة المدى؛ أطفال يفقدون مرجعهم، ويفتح أمامهم طريقًا نحو الإحباط أو التكرار ما لم تُقدَّم لهم رعاية نفسية وتعليمية مناسبة. هذا واجب مجتمعي أخلاقي قبل أن يكون مشمولًا قانونيًا.

ختامًا، عنوان مثل «بسبب الفايسبوك قتلت زوجها» يجب أن يوقظ ضميرنا الجمعي لا أن يغذي حماس القارئ الشهي للتفاصيل الصادمة. وراء كل حادثة من هذا النوع وجع بشري، عائلة محطمة، أطفال يتيمون، ومجتمع مدان جزئيًا لعدم توفر أدوات الحماية والوقاية اللازمة. التحدي الحقيقي هو أن نحول الصدمة إلى تغيير: تعزيز التربية العاطفية، تقوية الخدمات النفسية، تشديد إحلال القانون بسرعة وعدالة، ونشر ثقافة رقمية مسؤولة تحترم كرامة الإنسان وخصوصيته. حينئذ فقط، قد نحدّ من وقوع مآسي تنتهي بأرواح تُسلب بسبب منشور على شاشة.



Video Streaming
تعليقات