بالفيديو / مشروع سيارة الشعب بنصف الثمن..كل مواطن له الحق،هذه الشروط ومتى يبدأ التنفيذ... / Video Streaming
مشروع "سيارة الشعب" حلم يلوح في الأفق… لكن هل يتحقق حقاً؟
في بلد يتخيّم عليه ضباب الأزمات الاقتصادية، ويمتد فيه عالم السيارات إلى مرتبة "ترفّ لا متاح"، يطل مشروعٌ طُمِح إليه باعتباره مفتاحاً لتنقّل ملايين التونسيين: سيارة بسعر قريب من سعر المصنع، بشروط ميسّرة، تحت مسمّى "سيارة الشعب".
هذا المشروع الذي يثير آمالاً كبيرة لدى فئات واسعة، ليس وعداً سحرياً تحقق فوراً، بل هو عبارة عن مقترح قانوني ما زال في طور البحث والتعديل، يحمل معه ربما أحد أبرز الإصلاحات الاجتماعية المتوقّعة في تونس. لكن بين الحلم والتنفيذ الطريق لا يزال طويلاً، وفيه تفاصيل تتطلّب وضوحاً وصبراً.
ما المقصود بالمشروع؟
يهدف المشروع إلى منح كل مواطن تونسي – أو كل أسرة – امتيازاً غير مسبوق: استيراد أو اقتناء سيارة أوّل مرة في العمر بسعر "الأصل" أي بدون الرسوم الجمركية المعهودة، وبضريبة القيمة المضافة مخفّضة، مما قد يتيح تخفيض سعر السيارة إلى نحو النصف تقريباً مقارنةً بالأسعار الحالية في السوق.
المقترح برز في صلب مجلس نوّاب الشعب، وقدّمه عدد من النواب، منهم النائب محمد زياد الماهر، وأحالته لجنة المالية لمزيد الدراسة.
ما هي الشروط التي تمّ إعلانها حتى الآن؟
حتى وإن لم تُرسم كل التفاصيل بعد بصيغة نهائية، فإن المقترح يشمل شروطاً أساسية تم الإعلان عنها أو تسريبها للجمهور:
أن يكون المستفيد من البالغين فوق عمر معين — مثلاً يُذكر في المقترح أنّه "أكثر من 30 سنة" بالنسبة للأعزّاب.
أن يكون دخل العائلة أو الفرد تحت سقف معيّن، مثلاً "حتى 18 مرة الحد الأدنى للأجور" بالنسبة للأزواج، و"12 مرة" بالنسبة للعزّاب.
شاهد الفيديو فالمقال
أن يكون هذا الامتياز "مَرّةً واحدةً في العمر" لكل شخص أو أسرة، بحيث لا يستفيد منه من سبق له ذلك.
أن تكون السيارة المستوردة أو المقتناة ضمن مواصفات معيّنة: عدد خيول معيّن، عمر السيارة لا يتجاوز 10 سنوات، أو أن تكون السيارة "جديدة" من السوق المحلية ـ بحسب الصيغة النهائية التي قد تُحدّد لاحقاً.
متى يبدأ التنفيذ؟ وما الحالة القانونية؟
حالة المشروع اليوم هي بين "اقتراح قانون" و"قيد الدراسة في لجنة المالية". لم يُقر بعد بصيغته النهائية، ولا يوجد بعد تاريخ إطلاق رسمي واضح لتطبيقه. على سبيل المثال، صرّح نائب بأن المشروع لم يُدرج في قانون المالية لسنة 2025، وإنّ الدراسات ستُواصل، وربما يُدرج ضمن قانون المالية لسنة 2026.
إذًا، التوقيت المحدد للتنفيذ ما يزال غير نهائي، ويعتمد على مداولات قانونية وتنقيحات مالية واجتماعية قبل أن يتحوّل إلى واقع ملموس.
لماذا "سيارة الشعب" مهمة هكذا؟
بالنسبة لآلاف العائلات التونسية، اقتناء سيارة لم يعد رفاهية فقط، بل ضرورة تُسهّل التنقل، استثماراً في العمل أو التعليم أو لحظة العائلة. ارتفاع أسعار السيارات حالياً، وجود رسوم جمركية عالية، ونقص الخيارات الاقتصادية، يجعل فكرة سيارة بسعر المصنع مادة أملٍ للكثيرين.
من جهة أُخرى، يعتبر المشروع من النواحي الاقتصادية إصلاحاً طارئاً في سوق السيارات، كما قد يُساهم في تحريك القطاع، تشجيع التوريد وتقليص سوق السيارات المهربة، إن تمّ تطبيقه بآليات شفافة.
التحديات التي تواجه التطبيق
لكن الواقع ليس وردياً: أولاً، أي مشروع يمتد على الأمد القصير إمّا يثقل الموازنة أو يتطلّب تضخيماً في الإنفاق إذا لم تُحدَّد الانتقائية والشروط بدقّة. ثانيًا، التزام الدولة بضبط القائمة، منع التجاوزات، وضمان أن الفائدة تصل فعلياً إلى من يستحقّها، ليس فقط إلى من لديه واسطة أو متابعة. ثالثًا، سوق السيارات الحالية قد تتأثر بنقص، أو ارتفاع الطلب فجأة، ما قد يخلق اختناقات أو ارتفاعاً موازياً في الأسعار.
Video Streaming
ماذا على المواطن أن يفعل اليوم؟
في انتظار بلورة القانون ونشر تفاصيل التطبيق، يمكن للمواطن أن يتابع ما يلي:
الاطّلاع على المنشورات الرسمية عند صدور القانون أو البلاغ الحكومي، وعدم الاعتماد فقط على الشائعات.
استعدّ مسبقاً من الناحية المالية: جمع الوثائق الضرورية، التنبّه لشروط الدخل، والتأكّد إن كان قد سبق لك أو لأحد أفراد الأسرة الاستفادة من أي امتياز مماثل.
تجنّب دفع أي مبالغ "احتياطيّة" أو "حجوزات مسبقة" قبل صدور التطبيق الرسمي، لأن ذلك قد يكون مضيعة أو نصيباً من الاحتيال.
التفكير في التمويل والتكاليف الجانبية (الصيانة، التأمين، الوقود) حتى وإن انخفض سعر السيارة، لأن التكلفة الإجمالية للتملّك لا تزال مهمة.
مشروع "سيارة الشعب" ليس مجرد خبر إعلامي يبعث في النفس نبض الأمل، بل هو اختبار لقدرة تونس على تحقيق إصلاح اجتماعي جذري في مسار التصنيع والنقل والتنقل. إن تمّ تطبيقه بنزاهة وشفافية، فقد يغيّر حياة الكثيرين، ويحوّل الحلم إلى سيارة تُقودها فرحة أكثر من أن تكون ثمناً باهظاً. وعلى الرغم من الغموض في التوقيت والصيغة النهائية، فإن الطريق بدأ، وها نحن في انتظار أن يتأتّى الفعل وتتجسّد الكلمة إلى عمل.
Video Streaming