بالفيديو / بالفيديوماتت وهي تقول: "يا ميمتي"… نهاية مأساوية لفتاة الـ19 ربيعًا / Video Streaming
Video Streaming
شاهد الفيديو فالمقال
سمر… زهرة جديدة تُقطف داخل معامل الموت
لم تكن سمر، ابنة التاسعة عشرة من عمرها، تحلم بالكثير. هي فقط أرادت أن تعيل أمها المريضة وتساعد أختها، بعدما ضاق بهم العيش ولم يجدوا إلا العمل في المعامل مورد رزق وحيد. فتاة صغيرة في عمر الزهور، قبلت بالعمل الشاق رغم قسوته وظروفه الصعبة.
العمل من أجل الأم
كانت سمر تقول لوالدتها في كل صباح: "راني خارجة نخدم بش نداويك يا ميمتي". لم تكن تشكو من تعب الـ12 ساعة عمل يوميًا، ولا من أجر زهيد لا يتجاوز 500 دينار، رغم أن المعمل الذي تعمل فيه يدرّ المليارات. كانت فقط متمسكة بأمل أن يشفي الله أمها بفضل ما تجنيه من عرق جبينها.
حادث مأساوي
قبل يومين، ذهبت سمر إلى عملها كالمعتاد. وبينما كانت تتفقد مصعد البضائع لترى إن كان محمّلًا بالسلع، وضعت رأسها داخله، وفجأة سقط المصعد على رأسها في لحظة مروّعة. زملاؤها في العمل يؤكدون أن آخر ما نطقت به وهي تنزف: "يا ميمتي…". كلمات قصيرة، لكنها تختصر كل وجعها وحبها وتضحيتها.
معامل بلا شروط سلامة
رحيل سمر لم يكن حادثًا معزولًا، بل حلقة جديدة في سلسلة طويلة من الإهمال داخل هذا المعمل وغيره. العمال يروون أن الآلات قديمة "من عهد فرنسا"، والمكان يفتقر إلى أبسط معايير السلامة المهنية.
كم من عاملة سقطت عليها شكاير الفارينة الثقيلة؟ كم من واحدة فقدت ساقها تحت مروحة معطوبة؟ وكم من عامل تجمّدت أسنانه وسقطت بسبب البرودة القاسية التي تصل إلى -30 درجة داخل مخازن التبريد؟
نزيف الحوادث المستمر
الأدهى أن إدارة هذه المصانع تعلم بكل ذلك، لكنها تواصل جني الأرباح على حساب أرواح البسطاء. مئات الأرواح ضاعت في ظروف شبيهة، وأخرى تعيش الخوف اليومي من أن يكون الدور عليها. ومع ذلك، لا إصلاح ولا رقابة جدية تحمي هؤلاء الشباب الذين يبيعون حياتهم مقابل فتات.
دروس قاسية
رحيل سمر ليس مجرد حادث شغل عابر، بل هو جرس إنذار صارخ: إلى متى ستبقى معامل "الموت البطيء" تفتك بأبنائنا وبناتنا؟ إلى متى يُنظر للعمال كأرقام يمكن التضحية بها؟
هي لم تطلب الكثير، فقط حياة كريمة لأسرتها. لكنها دفعت حياتها ثمنًا لغياب العدالة وشروط السلامة.
وداعًا يا سمر
اليوم رحلت سمر، لتترك أمًا مريضة وأختًا مكسورة، وبلدًا يودّع واحدة من أنبل بناته. رحلت لتصبح رمزًا جديدًا لمعاناة جيل كامل يعيش بين مطرقة الفقر وسندان الاستغلال.
رحم الله سمر، وجعل دموع أمها شاهدة على قسوة نظام لم ينصفها.
Video Streaming