بالفيديو / مأساة تونسية تهز القلوب! إنتحار "أمل" في زغوان: أم. لثلاثة أطفال دفعتها قسوة الحياة إلى قرارها .. / Video Streaming

بالفيديو / مأساة تونسية تهز القلوب! إنتحار "أمل" في زغوان: أم. لثلاثة أطفال دفعتها قسوة الحياة إلى قرارها .. / Video Streaming








في مدينة زغوان الهادئة التي اعتادت أن تستيقظ على رائحة الياسمين وصوت الطيور، استفاق الأهالي صباح اليوم على خبر صادم هزّ القلوب وأدمع العيون. "أمل"، امرأة في ربيع العمر وأمّ لثلاثة أطفال، اختارت أن تُنهي حياتها في لحظة ضعف وغلبة حزن، بعد أن ضاقت بها سبل الحياة وتراكمت عليها الهموم حتى خنقتها. لم تكن قصتها سوى مرآة تعكس واقع الكثير من النساء التونسيات اللواتي يواجهن الحياة بصمت، بين الحاجة والخذلان والظروف القاسية التي لا ترحم.






عرفها جيرانها بطيبة قلبها وابتسامتها الدائمة، رغم أن تلك الابتسامة كانت تخفي وراءها وجعًا عميقًا لا يراه أحد. كانت أمل تعمل في الأشغال المنزلية لتوفّر قوت أطفالها الثلاثة بعد أن هجرهم والدهم وتركهم يواجهون مصيرهم وحدهم. كانت تخرج كل صباح بثوب بسيط ووجه متعب، تحمل في يديها أملًا صغيرًا في أن تعود آخر اليوم بما يسد رمق أطفالها، وبقلب مليء بالدعاء أن يبدّل الله حالها إلى خير.



شاهد الفيديو فالمقال



لكنّ الأيام لم ترحمها. فالفقر والديون وتكاليف الحياة المتزايدة كانت تثقل كاهلها يومًا بعد يوم. كانت تحاول أن تخفي ضعفها أمام أطفالها، تضحك لهم وتخبرهم بأن الغد سيكون أفضل، بينما كانت في داخلها تشعر بأن الغد لن يأتي أبدًا. وفي لحظة من لحظات الانكسار، حين خذلتها كل الأبواب التي طرقتها طلبًا للعون، اتخذت القرار الذي غيّر كل شيء إلى الأبد.

عثرت عليها إحدى جاراتها في منزلها الصغير في منطقة الزريبة من ولاية زغوان، بعد أن فقدتها منذ ساعات ولم تجب على اتصالاتها. كانت الصدمة كبيرة، والذهول سيطر على الجميع. كيف لأمّ محبة، كانت بالأمس تُحضّر الفطور لأطفالها وتوصيهم بالاجتهاد في المدرسة، أن تختار هذا الطريق؟ سؤال تردّد على ألسنة الجميع، لكن الجواب ضاع بين دموع الفقر والخذلان.

المؤلم أكثر أن أمل كانت قبل يومين فقط قد زارت إحدى صديقاتها، وطلبت منها العناية بأطفالها إن حدث لها مكروه. لم تفهم صديقتها المغزى حينها، ظنّتها مجرّد كلمات عابرة ناتجة عن الإرهاق النفسي. لكنها كانت في الحقيقة وصيّة الوداع التي سبقت الرحيل. وبعد ساعات قليلة من تلك الزيارة، كتبت أمل نهاية قصتها بصمت، بعيدًا عن الأضواء، تاركة خلفها ثلاثة أطفال لا يدركون بعد معنى الفقد ولا حجم الألم الذي سيلازمهم طيلة حياتهم.

هذه الحادثة المأساوية ليست الأولى من نوعها في تونس، لكنها تعيد فتح جرحٍ اجتماعيٍّ عميق يتعلّق بواقع النساء المعيلات لأسرهن، والضغوط الاقتصادية والنفسية التي يعشنها يوميًا. ففي ظلّ غياب الدعم الكافي وبرامج الرعاية النفسية والاجتماعية، تجد كثير من الأمهات أنفسهنّ محاصرات بين الحاجة والعجز، فلا يجدن سوى الصمت أو الانهيار. أمل كانت واحدة منهنّ، لكن قصتها ربما تُلخّص صراع المئات من النساء اللاتي يخفين معاناتهن وراء جدران البيوت.



Video Streaming


جمعيات المجتمع المدني سارعت إلى التعبير عن حزنها العميق ودعت إلى ضرورة إطلاق حملات دعم نفسي واجتماعي للعائلات الهشّة، معتبرة أن مأساة أمل يجب أن تكون نقطة تحوّل في طريقة التعامل مع قضايا الفقر والإقصاء. كما طالب نشطاء بضرورة تعزيز مراكز الإحاطة النفسية في المناطق الداخلية، حيث تكثر حالات الاكتئاب واليأس الناتجة عن الفقر والبطالة.

أطفال أمل اليوم تحت رعاية أقاربها، يعيشون في صدمة لا تُوصف، يسألون عن أمّهم التي وعدتهم بأنها ستشتري لهم ملابس جديدة للعيد القادم. وحده الصمت يجيبهم، وصورة أمّهم المعلقة على جدار البيت تذكّرهم بكل ما فقدوه. أما أهل المنطقة، فما زالوا يتحدثون عن تلك المرأة التي قاومت حتى اللحظة الأخيرة، لكنها لم تجد من يسمعها حين كانت بحاجة إلى كلمة، إلى يد تُمسك بيدها وتقول لها إن الغد حقًا سيكون أفضل.

رحيل أمل ليس حادثًا فرديًا، بل هو صرخة في وجه مجتمع يترك أضعف فئاته تواجه مصيرها وحدها. هو نداء لإعادة النظر في قيم التكافل الإنساني، وفي ضرورة أن نكون أكثر قربًا من بعضنا، لأن كلمة طيبة ربما تنقذ حياة. تركت أمل وراءها قصة تذكّرنا بأن قسوة الحياة قد تقتل، وأن الرحمة والاهتمام بالآخرين ليست ترفًا، بل مسؤولية إنسانية قبل أن تكون واجبًا اجتماعيًا.

رحم الله أمل، وأسكنها فسيح جناته، ولعلّ قصتها تكون بداية لوعي جديد بأن الفقر ليس عيبًا، وأن العجز ليس ضعفًا، وأن الإنسانية هي الطريق الوحيد لمجتمع أكثر رحمة وعدلًا.



Video Streaming
تعليقات